شبكة ذي قار
عاجل










مثل كل الدكتاتوريين في لحظات نهاياتهم المأساوية لم يعد نوري المالكي يحلم ، ولو للحظة واحدة، بالتخيل لصورته وحالته يوم غد الأحد، وهو يغادر الكرسي غير مأسوف عليه، أقول غداً بالتحديد، ولا أقول شيئا عن بقية الأيام التالية ما بعد الغد. وأخال أننا بتنا نلمس تصاعد حمى جنون هذا المخلوق المُشَّوه خَلقيا وأخلاقياً ونرقبهُ يومياً، وهو يتجرع كأس سمومه التي خلطها بنفسه ولأتباعه، حتى باتت قضية تسممه وانهياره عصية على أي علاج ولا يوجد لها أي ترياق، كما يقول المثل. والمالكي مثل أي رعديد جاءت به الأيام السوداء الى حكم العراق عبثاً، لذا لا أخال أيضاً إنه يمتلك من الشجاعة كي يواجه جملة المواقف الصعبة التي تحاصره من كل صوب باتزان ومقدرة لكي يبرر تلك الألقاب الفارغة التي صنعها لنفسه من دون جدارة أو حتى استحقاق يُذكر له ولسلكته وحكومته وحزبه، فهو منذ مغامرته الأولى بما سُميت " صولة الفرسان" وجد نفسه محاصراً خائفاً في إحدى غرف أحد فنادق البصرة طالبا نجدة الأمريكيين له، حينها تورط المالكي بمغامرته السلطوية الأولى، تجرع فيها أولى جرعات الخوف ، ولم ينقذه حينها من الموت المحتوم سوى تدخل وحدة خاصة من وحدات المارينز القذرة، أرسلها على الفور قائد القوات الأمريكية في العراق لتخليص المالكي من موت وسقوط محتوم في البصرة. لم يتعلم التلميذ الغبي من الدرس الأول له في أول مواجهة له مع مجموعات بسيطة من أتباع إيران ومرتزقتها في العراق، من جماعة مقتدى الصدر التي كانت تتكالب مع بدر والفضيلة وغيرها من بقية العصابات على سرقة وبيع وتصدير البترول العراقي وتهريبه لصالح إيران ولحسابات أباطرة وأمراء الفوضى الخلاقة الجدد في العراق. بعدها اشتغل الرجل بطاعة وخضوع تام لكل متطلبات العمل المأجور سواء بالتكليف المباشر من لدن قوات الاحتلال الأمريكي أو من تابعه النفوذ الإيراني، صانعا لنفسه هالة إعلامية كاذبة، كانت الاسوء في تاريخ الإعلام الساذج الهادف لصنع صورة " الدكتاتور" ، ومن خلال المناصب العديدة التي وضعها السادة الجدد تحت يده، كفلها له ذلك الدستور المُشَّوه الذي وضعه المحتلون. ظن المالكي انه بات يحكم العراق فعلاً، وتخيل واهماً انه بات القائد العام للقوات المسلحة، وهو يعرف أن تلك القوات التي فشلت م اليوم الأول أن تنظم نفسها بجيش أو قوات حكومية، وأصر أصحاب القرار الداخلي والخارجي على إبقائها في حالة فوضاها؛ كونها لم تخرج عن حال مكوناتها وتجميعها كـ " لملوم متنافر" مُؤَلَف من أفراد عصابات ومافيات ولصوص وقطاع طرق وسارقي المال العام، وتجار الدين، ومرتزقة الإسلام السياسي الخادم لمهمات الاحتلال الأمريكي من جهة، والإيراني من جهة أخرى. ونظرا لخلفية نوري المالكي المتخلفة حد النخاع، وعدم ثقته بنفسه، استعان المالكي بمن لا يقلون عنه خبرة أو دراية في إدارة الحكم وتسيير السلطة في العراق، تلك السلطة التي فَصَّلها على مقاساته ونزعاته الفردية وبمقاسات ما تبقى من أهداف شراذم حزب الدعوة العميل، زاجا من هبَّ ودبَّ، من متخلفي زواحف بقايا عصور التاريخ السوداء في كل أروقة الحكم الجديد، حتى إلتهمتهم دواليب السلطة فانغمسوا في وحول الامتيازات السلطوية وبصفقات المال العام والفساد والوظائف المزيفة في كل الوزارات والهيئات التي أسستها إدارة الاحتلال الأمريكي في العراق. تتالت هزائم المالكي الذي سيكتب التاريخ عنه انه " الدكتاتور" أو " الحاكم المتسلط" الذي سوف لا يتجرأ أحد أن يكتب له مُنجز بسطر واحد على كل الأصعدة الاجتماعية والسياسية والتنموية والعسكرية؛ بل أن حكمه لا يمكن وصفه إلا بإيجاز، إنه " العشرية السوداء الدموية بتاريخ العراق". دق المالكي نعشه بمسامير أفعاله المُشينة القادمة من كل صوب، وهو الفارغ الأجوف وكما جاء من لا شئ، انتهى فعلا إلى لا شئ، لكنه لا زال يعيش في مُتخَيَّله المريض: انه بات الحاكم الناهي في العراق من خلال أجهزة القمع والتسلط من جهة، وبشراء حقوق التزوير في أوراق الصندوق الانتخابي البغيض، وتلك اللوثة هي الأكثر دكانة وقتامة في عقل المالكي ورهطه المريض. اليوم آن أوان الرحيل له، لكنه رحيل بائس، ربما لم يرافق أسوء من حكموا في هذا العالم من الدكتاتوريين ومتسلقي السلطة بحماية قوات الاحتلال لبلدانهم ، خصوصا ونحن نشهد اليوم وعلى المباشر ، ان المالكي تجرع خطوات هزائمة دقيقة بدقيقة، ويوما بعد يوم، فقد قلمت الانتفاضة الوطنية العراقية أظافره لمدى عام من الاحتجاجات السلمية في كل محافظات العراق، بعدها كسرت الثورة المظفرة في المحافظات المنتفضة بقايا مخالبه فأطارت لُبَّ صوابه، ولم تعد تنفع معه كل أموال قارون التي يبيع ويشتري بها الأزلام والأسلحة والأعوان ، حتى بات يستورد المرتزقة من إيران وحزب الله وغريمه النظام السوري وغيرهم كثيرون من تجار الأزمات شرقا وغرباً، ولم يعد مفيدا له أن اقتنع بنفسه يوماً أن يضع واهماً صورة " مختار العصر" تحيطه فتاوى مرجعياته، وقرارات مجلسه القضائي، ورصيد تحالفه اللا وطني لكي يثبت مسامير كرسيه ، مجبرا على استعمالها مساميراَ لدق نعشه الأخير، إن وجدت له فرصة أن يموت ميتةً آدمية، ويجد من يضعه في صندوق قمامة. وعليه سيكون آخر الدواء هو الكي الناجع لكي تزال أورام سرطان المالكي من الجسد العراقي. هل نقول له وهو يجند آخر مظاهرة بائسة، خرجت تطالب البارحة ببقائه بأمر من أمانة مجلس الوزراء مدفوعة الثمن عداً ونقداً بطريقة " تنفيذ المقاولات" : على المالكي أن يضع كل هذه الأوراق المتسخة والسيناريوهات التافهة إلى سلة مهملات المضبعة الخضراء، أولا ومنها سترسل جميعها إلى مزبلة التاريخ.تلك هي ما تبقى من أوراق اعتماد المالكي الى قدره المنتظر. بقي نهار واحد، وليلة سوداء داكنة، أمام خيارات المالكي ليجرب فيها واحدة من أسوء مسرحيات عصرنا في دفع ما تبقى من المرتزقة ودفعهم الى التظاهر في بعض المدن، ليطالبوا له بالترشح لعهدة ثالثة باتت من أشباه المستحيلات وباتت وهماً عصياً على التنفيذ؛ خصوصا وان العراق كله والعراقيين بكل طوائفهم، لم يمنحوا أبدا للمالكي أية عهدةن ولا لغيره من عملاء ومرتزقة الاحتلال الأمريكي والإيراني. مظاهرات البارحة بشكلها وإخراجها البائس، التي خجل كل من شارك فيها من نفسه، والتي تفرج عليها المالكي عبر شاشة قناته "العراقية" فقط كانت " أم المهازل "حملت له بنفس يوم ذكرى الهزيمة العسكرية الإيرانية بحرب " قادسية صدام" صورة بائسة لمصيره المحتوم ، وشكلت له ملامح ورؤى حمل نعشه الأخير، فلا المال بكل ملياراته المسروقة من خبز العراقيين ، ولا فلول عساكر مليشياته المنهارة على كل الجبهات، ولا عهود حلفاء الأمس من الإيرانيين والأمريكيين، ولا حتى عمائم مراجع شيعته وسلطته وفتاواهم، ولا ذيول عشائر سنته وصحواتهم ، ولا مجالس إسناده سوف تشفع الليلة لنوري المالكي من ينام لحظة واحده وقد حاصره أرق المهزوم حين يترنح لحظة السقوط المحتوم. نوري المالكي وحيدا الليلة، ولا أخال انه سيفعلها مرة واحدة لينتصر على جبنه ورذائله وينتحر برصاصة واحدة، وإذا ما فكر بها، فانه سيصل إلى حالة من الجنون تفقده القدرة على التنفيذ. وشخصيا لا أتمنى له الموت هكذا في الحالتين لأننا نريده فعلا حياً كي يشهد لحظات سقوطه الحتمي، خطوة خطوة، لكي نُثَّبت واحدة من أهم شهادات الأرشيف السلطوي في العراق، وكي يفرز العراقيون بانتصار ثورتهم ، من هم رجالهم عن بقية الأزلام ومهرجي السيرك الأمريكي ببغداد المحتلة، من الذين تزلفوا للمالكي وقبله لبريمر وإبراهيم الجعفري وإياد علاوي، وباعوا شعب العراق لكل من هب ودب. هل نختتم كما تعودنا القول : ان غدا ... أقول غدا ... لناظره قريب ... وسيصدق القول أيضا : إن غداً بات أكثر وأكثرمن قريب .




الاحد١٤ ÔÜÜæÇá ١٤٣٥ ۞۞۞ ١٠ / ÃÈ / ٢٠١٤


أفضل المقالات اليومية
المقال السابق د. عبد الكاظم العبودي طباعة المقال أحدث المقالات دليل المواقع تحميل المقال مراسلة الكاتب
أحدث المقالات المضافة
فؤاد الحاج - العالم يعيد هيكلة نفسه وتتغير توازناته فيما العرب تائهين بين الشرق والغرب
ميلاد عمر المزوغي - العراق والسير في ركب التطبيع
فؤاد الحاج - إلى متى سيبقى لبنان ومعه المنطقة في مهب الريح!
زامل عبد - سؤال مهم، هل المشتركات الايديولوجية بين جماعة الاخوان والصفويين الجدد انعكست في مظلومية غزة الصابرة المحتسبة لله؟- الحلقة الاخيرة
زامل عبد - سؤال مهم، هل المشتركات الايديولوجية بين جماعة الاخوان والصفويين الجدد انعكست في مظلومية غزة الصابرة المحتسبة لله؟ - الحلقة السادسة
مجلس عشائر العراق العربية في جنوب العراق - ãÌáÓ ÚÔÇÆÑ ÇáÚÑÇÞ ÇáÚÑÈíÉ Ýí ÌäæÈ ÇáÚÑÇÞ íåäÆ ÇáÔÚÈ ÇáÚÑÇÞí æÇáãÓáãíä ßÇÝÉ ÈãäÇÓÈÉ ÚíÏ ÇáÇÖÍì ÇáãÈÇÑß ÚÇã ١٤٤٥ åÌÑíÉ
مكتب الثقافة والإعلام القومي - برقية تهنئة إلى الرفيق المناضِل علي الرّيح السَنهوري الأمين العام المساعد و الرفاق أعضاء القيادة القومية
أ.د. مؤيد المحمودي - هل يعقل أن الطريق إلى فلسطين لا بد أن يمر من خلال مطاعم كنتاكي في بغداد؟!
زامل عبد - سؤال مهم، هل المشتركات الايديولوجية بين جماعة الاخوان والصفويين الجدد انعكست في مظلومية غزة الصابرة المحتسبة لله؟ الحلقة الخامسة
د. أبا الحكم - مرة أخرى وأخرى.. متى تنتهي كارثة الكهرباء في العراق؟!
زامل عبد - سؤال مهم، هل المشتركات الايديولوجية بين جماعة الإخوان والصفويين الجدد انعكست في مظلومية غزة الصابرة المحتسبة لله؟ ] - الحلقة الرابعة
القيادة العامة للقوات المسلحة - نعي الفريق الركن طالع خليل أرحيم الدوري
مكتب الثقافة والإعلام القومي - المنصة الشبابية / حرب المصطلحات التفتيتية للهوية العربية والقضية الفلسطينية ( الجزء السادس ) مصطلحات جغرافية وأخرى مشبوهة
الناطق الرسمي باسم حزب البعث العربي الاشتراكي - تصريح الناطق الرسمي باسم القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي حول مزاعم ومغالطات خضير المرشدي في مقابلاته على اليوتيوب ( الرد الكامل )
مكتب الثقافة والإعلام القومي - مكتب الثقافة والإعلام القومي ينعي الرفيق المناضل المهندس سعيد المهدي سعيد، عضو قيادة تنظيمات إقليم كردفان