شبكة ذي قار
عاجل










يُعرف المختصون الكوميديا أو الملهاة بأنها شكل من أشكال العمل المسرحي يتناول الجوانب الهزلية المضحكة، أو الساخرة من السلوك الإنساني. ومعظم الأعمال الكوميدية ذات طابع مازح فكاهي، وتنتهي دائماً نهاية سعيدة. والكوميديا لا تهدف إلى إثارة الضحك فقط، فربما يقصد بها، وهو الغالب، تحقيق مجموعة من الأهداف الفاضحة للأحوال والأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية المتردية في الدول الدكتاتورية.وفي زمن الظلم والدكتاتورية تزداد وتنتشر الكوميديا بين الطبقات المظلومة كأحد أساليب التنفيس عن الهموم، وأيضاً كطريقة من الطرق الذكية الخفية للتشهير بالدولة الظالمة وحكامها، أو بالحاكم الدكتاتور.ونقص الخدمات في العراق الحالي، صار السمة الأبرز في المشهد الحياتي، بل تُعد المطالبة بتحسين الخدمات من المطالب الجماهيرية الأولية بعد الأمن والأمان، المفقود في عموم الوطن. وفي فصل الشتاء تظهر المدن على حقيقتها، فهنالك مدن يكسوها المطر حلة زاهية من النظافة والبهجة، وهنالك مدن أخرى تغرق من أول الغيث، وهذا هو حال أغلب مدن العراق، وخصوصاً العاصمة الحبيبة بغداد! والعراق منذ سبعينيات القرن الماضي بنى واحدة من أكبر شبكات الصرف الصحي في بغداد والمدن الكبرى، ليس على مستوى المنطقة فحسب، بل على مستوى الشرق الأوسط، وبعدها أُدخل العراق في حرب الثماني سنوات مع إيران، ورغم ذلك استمرت المشاريع تنمو في العديد من القطاعات، واستمر الحال إلى بداية التسعينيات، وحينها وقعت أحداث الكويت، ثم الحصار الدولي الذي انتهى بالاحتلال الأمريكي عام 2003، وآثاره الكارثية المستمرة حتى الساعة! وبعد الاحتلال، وقع العراق ضحية الاستهتار الواضح للقوات الأمريكية المحتلة، ومعها الأجهزة الإدارية الحكومية التي مثلت الاحتلال بأشكال عراقية، وفقد المواطن العراقي أبسط حقوقه بالعيش الكريم.ومع بداية فصل الشتاء، تشكو العاصمة بغداد وبقية المدن العراقية من معاناة حقيقية، متكررة في كل عام؛ بسبب الأمطار الغزيرة وحتى القليلة منها! فشبكة المجاري في العاصمة تعاني جملة من المشاكل المتمثلة بالخراب في بعض المناطق، والانسداد في مناطق أخرى، فضلاً عن الإصلاحات غير الكاملة، وأعمال التنظيف التي تتم بأساليب بدائية متخلفة أدت إلى حدوث أضرار واضحة في الشبكة؛ وبالتالي فإنها غير قادرة على استيعاب الزخم السكاني المتزايد، والأمطار حتى القليلة منها! وخلال متابعتي الصور المؤلمة لبعض مدن العراق المبتلى عبر تقارير إعلامية لقنوات فضائية عراقية، وهي تنقل لقطات من المعاناة اليومية للمواطن مع بداية فصل الشتاء، رأيت، قبل أسبوع تقريباً، عدة مشاهد في أربع مدن عراقية، هي: بغداد وكركوك والرمادي والموصل. ففي بغداد، وبعد أن غطت المياه أغلب شوارع مدينة الاعظمية، التي كانت تعد في مرحلة ما قبل الاحتلال من أجمل وأرقى مناطق العاصمة، رأيت مجموعة من الشباب يقفون على أرصفة الطرق، وهم يسخرون من الحال، وكأنهم يحاولون القفز داخل بركة للسباحة، وفي ذات الوقت كانوا يضحكون للكاميرة، ولا ندري هل هذا الموقف يستحق الضحك، أم البكاء؟! الصورة الثانية كانت في مدينة كركوك، حيث أظهرت الكاميرا شابا عراقيا كرديا، وهو يسير على الحواجز الكونكريتية في السوق الكبيرة في مركز المدينة؛ لأنهم لا يستطيعون السير بالشوارع المليئة بالمياه، وبالتالي فهو يمارس لعبة، أو هواية السير على الحبل، ماسكاً بيديه عصاً خشبية في منظر أثار ضحك، وسخرية الشباب الذين تجمهروا حوله! الصور الثالثة نقلت من مدينة الرمادي، فبعد أن غرقت المدينة بالمياه، نقلت الكاميرا صوراً لشاب من المدينة، وهو يحاول أن يصطاد السمك من المياه التي غطت شوارع المدينة!الصورة الرابعة والأخيرة كانت في الموصل الحدباء، حيث وصلت السخرية من الواقع المؤلم أن بعض الشباب الموصليين جلبوا زورقاً ووضعوه في الشارع المليء بالمياه، وهم يحاولون العبور إلى الضفة الأخرى من الشارع! هذا ما نقلته بعض القنوات الفضائية، أما ما خفي في بقية أنحاء البلاد فكان أعظم!الواقع المرير سببه الأول والأخير هو الفساد المالي والإداري الذي عمّ البلاد، والحال أن غالبية عقود مهزلة الإعمار تكون من حصة بعض المسؤولين في الحكومة، طبعاً بطريقة غير مباشرة، عن طريق الحاشية التي ظهر عليها الغنى الفاحش خلال سنوات الموت والتهجير التي تلت عام 2003. هذا هو الواقع في العراق: ضحك مليء بالألم والشكوى، وشعب يخشى الظلم المتمثل بالتغييب والاعتقال المستمر في عموم البلاد! Jasemj1967@yahoo.com




الاثنين١٠ ÕÝÑ ١٤٣٤ ۞۞۞ ٢٤ / ßÇäæä ÇáÇæá / ٢٠١٢


أفضل المقالات اليومية
المقال السابق جاسم الشمري طباعة المقال أحدث المقالات دليل المواقع تحميل المقال مراسلة الكاتب
أحدث المقالات المضافة
فؤاد الحاج - العالم يعيد هيكلة نفسه وتتغير توازناته فيما العرب تائهين بين الشرق والغرب
ميلاد عمر المزوغي - العراق والسير في ركب التطبيع
فؤاد الحاج - إلى متى سيبقى لبنان ومعه المنطقة في مهب الريح!
زامل عبد - سؤال مهم، هل المشتركات الايديولوجية بين جماعة الاخوان والصفويين الجدد انعكست في مظلومية غزة الصابرة المحتسبة لله؟- الحلقة الاخيرة
زامل عبد - سؤال مهم، هل المشتركات الايديولوجية بين جماعة الاخوان والصفويين الجدد انعكست في مظلومية غزة الصابرة المحتسبة لله؟ - الحلقة السادسة
مجلس عشائر العراق العربية في جنوب العراق - ãÌáÓ ÚÔÇÆÑ ÇáÚÑÇÞ ÇáÚÑÈíÉ Ýí ÌäæÈ ÇáÚÑÇÞ íåäÆ ÇáÔÚÈ ÇáÚÑÇÞí æÇáãÓáãíä ßÇÝÉ ÈãäÇÓÈÉ ÚíÏ ÇáÇÖÍì ÇáãÈÇÑß ÚÇã ١٤٤٥ åÌÑíÉ
مكتب الثقافة والإعلام القومي - برقية تهنئة إلى الرفيق المناضِل علي الرّيح السَنهوري الأمين العام المساعد و الرفاق أعضاء القيادة القومية
أ.د. مؤيد المحمودي - هل يعقل أن الطريق إلى فلسطين لا بد أن يمر من خلال مطاعم كنتاكي في بغداد؟!
زامل عبد - سؤال مهم، هل المشتركات الايديولوجية بين جماعة الاخوان والصفويين الجدد انعكست في مظلومية غزة الصابرة المحتسبة لله؟ الحلقة الخامسة
د. أبا الحكم - مرة أخرى وأخرى.. متى تنتهي كارثة الكهرباء في العراق؟!
زامل عبد - سؤال مهم، هل المشتركات الايديولوجية بين جماعة الإخوان والصفويين الجدد انعكست في مظلومية غزة الصابرة المحتسبة لله؟ ] - الحلقة الرابعة
القيادة العامة للقوات المسلحة - نعي الفريق الركن طالع خليل أرحيم الدوري
مكتب الثقافة والإعلام القومي - المنصة الشبابية / حرب المصطلحات التفتيتية للهوية العربية والقضية الفلسطينية ( الجزء السادس ) مصطلحات جغرافية وأخرى مشبوهة
الناطق الرسمي باسم حزب البعث العربي الاشتراكي - تصريح الناطق الرسمي باسم القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي حول مزاعم ومغالطات خضير المرشدي في مقابلاته على اليوتيوب ( الرد الكامل )
مكتب الثقافة والإعلام القومي - مكتب الثقافة والإعلام القومي ينعي الرفيق المناضل المهندس سعيد المهدي سعيد، عضو قيادة تنظيمات إقليم كردفان