شبكة ذي قار
عاجل










لو جاءت دعوة للزعماء والصحافيين والكتّاب والمحللين والمنظّرين لزيارة عاصمة اوروبية او خليجية غنية ، لسارعوا جميعا الى تفريغ جدول اعمالهم وقبول الدعوة حتى لو كانت الدعوة هناك لحضور مؤتمر حول انقاذ حيوان الباندا من الانقراض . واعتقد ان الجميع سيسارع لقراءة ابحاث عن الباندا واعداد نفسه للادلاء بدلوه في هذا المجال. لكن . وبعد عشر سنوات على الاحتلال الامريكي للعراق ، وبعدما اظهرت امريكا لنا حقيقة " الربيع العراقي "بكل ما تعنيه الكلمة ، وبعد ان أكلت شركات الادارة الامريكية بلاد الرافدين لحما ورمتها عظما ، وبعد ان دمرت الاحداث والاحتلال والتفجيرات طرقاتها وساحاتها ، وبعد ان نهب اللصوص وقطاع الطرق والمرتزقة اثارها وبنوكها ، وبعد ان شفطت الشركات الغربية نفطها حتى بات ابناء العراق يطلبون الكاز ... بعد كل هذا وفقدان ملايين البشر لم تعد الفضائيات تتسابق لبث الاخبار من هناك ، ولم تعد الجمعيات والمنظمات تتغنى باسمها وتبث اغانيها أوتستضيف مبدعيها ، حتى كادت العراق تصبح عبئا على البعض . العراق التي استقلت قبل 91 عاما عن الامبراطورية العثمانية ، قادرة على اعادة نفسها الى صدارة احداث التاريخ ، فهي التي قادت العالم العربي ردحا من الزمن وهي التي سارت مع مصر كتفا الى كتف في طليعة الخطاب القومي منذ حلف بغداد حتى انتفاضة الاقصى ، وهي التي وهبت نفطها وزهرة شبابها من اجل فلسطين ، وهي التي احتضنت العرب ، وعلمتهم الادب والشعر والثقافة والفنون والعلم والتكنولوجيا والادارة والعمل والزراعة والحرب والسلام . اختلف العرب مع صدام ، لكنهم لم يختلفوا مع العراق ابدا ، وكل عربي عشق بغداد من صميم فؤاده ، وكل من زار بغداد واستنشق هواءها ، وسار على جسر الكرخ واطل بمحياه على دجلة ، كل من زار الاعظمية وذاق فيها حلوى المن والسلوى ، كل من تهادى في شارع ابو النواس وسمع باذنيه الموسيقى على لحن الصبا او النهوند ، كلّ من وصل سوق كرادة واشترى من زينتها وحليّها واوانيها المستطرقة يعرف معنى العشق البغدادي ، وكل من وصل البصرة ونينوى وسامراء يعرف كم هو نهر الفرات اصيل . ومن مدينة الصدر الى الفالوجة الى الحبانية وشط العرب وام قصر الى تكريت والاهواز واربيل يهتف كل شبر في العراق باسم الله واسم العروبة . وتشهد 20 مليون نخلة في العراق على ان العراقي متسامح وشهم واصيل ، ورغم لوح حمورابي في بابل والذي يحفر قانون العين بالعين والسن بالسن على حجر الديوريت الاسود ، الا ان العراقيين اساتذة في العفو ، ومن جلجامش الى نبوخد نصّر الى حمورابي الى الجواهري الى هارون الرشيد الى ابو العلاء المعري الى بدر شاكر السياب كان العراقي سيد الكلام والحسام ، امير المديح والهجاء ، صاحب الكلمة الاصعب والموقف الاصلب . العراق عاشت الستينيات في صراع حزبي داخلي هائل ، وعاشت السبعينيات في صراع حزب البعث ، وعشر سنوات في الثمانينيات في حربها مع ايران ، وعشر سنوات في التسعينيات تحت حصار امريكا ، وعشر سنوات من الالفية الثانية تحت احتلال امريكا وفي ظل عمليات تفجيرية قتلت 2 مليون مواطن وعالم وشيخ وراهب وهجرت 9 مليون ، وبعد اسبوع ستنعقد القمة العربية في بغداد ... ومن يشاهد التلفزيون العراقي يرى مدى فرحة العراقيين من سنّة ومن شيعة ومن كل الطوائف بهذه المناسبة وبعودة الاشقاء العرب الى عاصمة الدولة العباسية . وبهذه المناسبة يحضرني في خيالي ان قانون حمورابي يسود الان ، ولو نتصوّر ان هذا القانون هو الذي يحكم العالم الان ، وهو قانون الردع الصارم لكل معتدي ، ولو ان شخصا يقلع عين شخص اخر تقلع عينه ، ولو كسر سن شخص اخر تكسر له سنا ، ولو ضرب شخصا حتى الموت ان الفاعل يضرب حتى يموت . ولو طعن شخصا وتسبب في تعطيل طرف من اطرافه ، يقوم القاضي باحضار الجاني ويستأصل له طرفا مماثلا من جسمه ، ولو ان شعبا احتل شعبا اخر تجتمع الاقوام وتحتل ارضه ، ولو ان مجموعة تاّمرت على بلد مثل فلسطين او العراق وتسببت في دمارها بهذا الشكل ، يحلّ عليهم نفس الدمار في بيوتهم واولادهم واموالهم !!!!!!!!




السبت٠١ ÌãÇÏí ÇáÇæá ١٤٣٣ ۞۞۞ ٢٤ / ÃÐÇÑ / ٢٠١٢


أفضل المقالات اليومية
المقال السابق د. ناصر اللحام طباعة المقال أحدث المقالات دليل المواقع تحميل المقال مراسلة الكاتب
أحدث المقالات المضافة
فؤاد الحاج - العالم يعيد هيكلة نفسه وتتغير توازناته فيما العرب تائهين بين الشرق والغرب
ميلاد عمر المزوغي - العراق والسير في ركب التطبيع
فؤاد الحاج - إلى متى سيبقى لبنان ومعه المنطقة في مهب الريح!
زامل عبد - سؤال مهم، هل المشتركات الايديولوجية بين جماعة الاخوان والصفويين الجدد انعكست في مظلومية غزة الصابرة المحتسبة لله؟- الحلقة الاخيرة
زامل عبد - سؤال مهم، هل المشتركات الايديولوجية بين جماعة الاخوان والصفويين الجدد انعكست في مظلومية غزة الصابرة المحتسبة لله؟ - الحلقة السادسة
مجلس عشائر العراق العربية في جنوب العراق - ãÌáÓ ÚÔÇÆÑ ÇáÚÑÇÞ ÇáÚÑÈíÉ Ýí ÌäæÈ ÇáÚÑÇÞ íåäÆ ÇáÔÚÈ ÇáÚÑÇÞí æÇáãÓáãíä ßÇÝÉ ÈãäÇÓÈÉ ÚíÏ ÇáÇÖÍì ÇáãÈÇÑß ÚÇã ١٤٤٥ åÌÑíÉ
مكتب الثقافة والإعلام القومي - برقية تهنئة إلى الرفيق المناضِل علي الرّيح السَنهوري الأمين العام المساعد و الرفاق أعضاء القيادة القومية
أ.د. مؤيد المحمودي - هل يعقل أن الطريق إلى فلسطين لا بد أن يمر من خلال مطاعم كنتاكي في بغداد؟!
زامل عبد - سؤال مهم، هل المشتركات الايديولوجية بين جماعة الاخوان والصفويين الجدد انعكست في مظلومية غزة الصابرة المحتسبة لله؟ الحلقة الخامسة
د. أبا الحكم - مرة أخرى وأخرى.. متى تنتهي كارثة الكهرباء في العراق؟!
زامل عبد - سؤال مهم، هل المشتركات الايديولوجية بين جماعة الإخوان والصفويين الجدد انعكست في مظلومية غزة الصابرة المحتسبة لله؟ ] - الحلقة الرابعة
القيادة العامة للقوات المسلحة - نعي الفريق الركن طالع خليل أرحيم الدوري
مكتب الثقافة والإعلام القومي - المنصة الشبابية / حرب المصطلحات التفتيتية للهوية العربية والقضية الفلسطينية ( الجزء السادس ) مصطلحات جغرافية وأخرى مشبوهة
الناطق الرسمي باسم حزب البعث العربي الاشتراكي - تصريح الناطق الرسمي باسم القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي حول مزاعم ومغالطات خضير المرشدي في مقابلاته على اليوتيوب ( الرد الكامل )
مكتب الثقافة والإعلام القومي - مكتب الثقافة والإعلام القومي ينعي الرفيق المناضل المهندس سعيد المهدي سعيد، عضو قيادة تنظيمات إقليم كردفان