شبكة ذي قار
عاجل










لم تدع فوضى ( بوش ) الخلاقة ركنا في العراق الا وتركت بصماتها عليه , تدميرا وتحريفا وتمزيقا منذ 9 نسيان 2003 وحتى اليوم , ولم ترخي الكف الامريكية قبضتها عليه على الرغم من عبارات ( أوباما) المنمقة والناقدة لسلفه والمنتقاة بعناية , كي يستدر عطفنا ويحصل على مايريد برضانا هذه المرة أستكمالا لما بدأ به الذي سبقه مع فارق بسيط , هو أن الاول أستخدم عنجهية القوة بينما أستخدم الثاني نعومة القوة , في تحقيق هدف ستراتيجي واحد هو أخضاع العراق الى الارادة الامريكية ونهب ثرواته وأخراجه تماما من حلبة الصراع العربي الصهيوني. وفي الوقت الذي يجري فيه الحديث بصوت مسموع وأصرار تام على سحب القوات الامريكية من العراق مسيرين لامخيرين , بعد الوحل الذي أدخلتهم فيه المقاومة العراقية الباسلة والدمار الاقتصادي الذي الحقته بهم , نجد بأن عناصر القوة الناعمة قد بدأت فعلها في الساحة من خلال الوفود الامريكية السرية والعلنية , والاتصالات الهاتفية المعلنة وغير المعلنة بين المسؤولين في الادارة الامريكية وأقطاب الحكم في بغداد, والتي تحث جميع الاطراف على التشكل من جديدوالجلوس في نفس المركب الذي وضعهم فيه الحاكم الامريكي ( بول بريمر) , بما لايدع مجالا لاحد للبقاء خارج السرب والتغريد بمفرده . لقد أبتدأت الحرب الباردة بين الولايات المتحدة الامريكية وأيران على التراب العراقي , ولابد للطرفين من تعزيز مواقعهما والتخندق خلف الاحزاب والكتل العراقية , وأذا كان الامريكان يمارسون ضغطهم بشكل مكشوف لاستفزاز أيران بغية معرفة ردود فعلها ووضع اليد على عناصرها التي قد تطل برأسها هنا وهناك في الساحة العراقية , فأن الايرانيين لم يدعوا يوما يمر منذ بداية الازمة السياسية في تشكيل الحكومة , الا وكان لهم وفد سري في بغداد يضغط على حليف أو يدفع لشراء طرف بعيد أو يقنع معارض لدورهم في العراق , للسفر الى طهران كي يتم الاتفاق معه على مايريد بنظام الصفقة وقد حصل ذلك مرات عديدة . فلقد أمتازت السياسة الايرانية بقدرتها على أختراق القوى العراقية من خلال عدم وضع فيتو على أية جهة سياسية , بل حثت حلفائها على التحالف حتى مع القوى التي تخالفها في الطائفة , لان الايرانيين ليسوا أصحاب نهج طائفي , بل هم أصحاب مشروع قومي فارسي يستخدم الفروقات الطائفية لخدمة مشروعهم القومي , وأذا كانوا قد وضعوا خطأ أحمر على وصول هذا وذاك من قادة الكتل السياسية الى سدة السلطة في العراق , فأن هذا حاصل بسبب عدم قبولهم وجود نظام سياسي في العراق يعارض نهجهم التوسعي , أو يدين بالولاء الى السيد الامريكي على الرغم من أنهم ليسوا في الضد التام من المشروع الامريكي , فما يهدفون اليه من الامريكان هو فقط أنتزاع أعتراف لهم بأنهم قوة أقليمية لها مالها من حقوق السيطرة والابتزاز على الاقليم وماجاوره , وعليها ماعليها من واجبات الاعتراف بالزعامة الامريكية على العالم . لقد أستبدل الامريكان والايرانيون سفيريهما في العراق مؤخرا , في أطار تعزيز القوة الناعمةلهما في الساحة , وسيجد من يطلع على ملفي السفيرين الجديدين الذين أستلمى منصبيهما في بغداد المحتلة , عناوين السياسة العامة للمرحلة المقبلة في العراق لكلا البلدين . فالسفير الامريكي الجديد ( جيمس جيفري ) لديه مساهمة واسعة في ملفات الشرق الاوسط عموما والعراق خصوصا , حيث كان منسقا للشؤون العراقية في عهد وزيرة الخارجية الامريكية (كوندليزا رايس) , ومساعدا لمستشار الامن القومي , ومساعدا للرئيس في البيت الابيض في أدارة ( بوش ) , ونائبا لرئيس البعثة الامريكية في العراق بين حزيران 2004 واذار 2005 , ثم قائم بالاعمال في السفارة الامريكية من اذار 2005 الى حزيران 2005 . أما السفير الايراني الجديد ( حسن دانائي ) فقد ولد في بغداد وعمل نائبا لقائد القوات البحرية في الحرس الثوري الايراني , وكان مسؤولا عن المساهمة الايرانية في أعمار العتبات المقدسة في الكاظمية وكربلاء والنجف , كما عمل مع مايسمى (المعارضة العراقية ) من خلال دوره في الاشراف على منظمة بدر والمجلس الاعلى وبقية الفصائل الاخرى , أضافة الى عمله في مؤسسة تشخيص مصلحة النظام , فضلا عن دوره في الاعداد العسكري للعمليات السرية خارج الاراضي الايرانية . أن قاعدة المعلومات المتوفرة عن السفير الامريكي وتصريحاته التي أكد فيها أن ( الايرانيين يريدون نفوذا سياسيا وأمنيا فوق الاحزاب والنظام العراقي) , وأن ( الية أيرانية أستخبارية ودبلوماسية ضخمة تعمل لتحقيق هذا الهدف داخل بغداد وخارجها ) أنما يدلل على طبيعة الصراع السياسي والاستخباري القادم بين القوى المحتلة , وهو الذي دفع مراكز القرار الايراني لتعيين السفير الجديد الذي يرتبط بعلاقات واسعة وقديمة مع القوى العراقية ذات النشأة الايرانية , كي يعيد أنتاج أدوارها وفق الضرورات المستجدة على الساحة وبما يتلائم مع المواجهة القادمة .   فلقد أستغل السفير الايراني الجديد مسؤوليته السابقة في الاشراف على المساهمة الايرانية في أعمار العتبات المقدسة, فبنى شبكة علاقات واسعة جدا في كل من بغداد وكربلاء والنجف تحت هذا الغطاء , وأنشأ واجهات لاشرعية تعمل لصالح المشروع السياسي الايراني , وهو نفس الدور الذي مارسه السفير الامريكي الجديد عندما كان يعمل في بغداد سابقا . فلقد أستغل الامريكان والايرانيين كافة الوسائل لممارسة دورهم التخريبي في العراق طوال الفترة المنصرمة بما فيه المجال الدبلوماسي , في ظل غياب القرار السيادي العراقي الواضح , والذي غيب بدوره الاجهزة الامنية العراقية الكفيلة برصد الممارسات اللاشرعية للبعثات الدبلوماسية الاجنبية في العراق ووضع حد لها , مما جعل دور السفيرين الامريكي والايراني أشبه بدور المندوب السامي أبان الاحتلال البريطاني للعراق في القرن الماضي , الذي كان له القول الفصل في المشهد العراقي . فالسفير الايراني السابق لم يتوانى في زيارة العديد من المسؤولين العراقيين في مكاتبهم ودورهم , عارضا عليهم الاموال في مقابل دعم المنهج الايراني السياسي في العراق , وقد جاء ذلك على لسان أحد أعضاء البرلمان العراقي , وكان ولازال غالبية ألكادر الدبلوماسي الايراني هم من عناصر المخابرات الايرانية يجولون في كل المحافظات العراقية حتى بدون أشعار وزارة الخارجية كما هو العرف السائد . ولم يكن دور السفير الامريكي أقل من دور زميله الايراني , في ظل أكبر سفارة أمريكية في العالم , تحوي محطتها الاستخبارية من الاجهزة والمعدات التي تمكنهم من التنصت على كل مايدور خلف الكواليس بين الاطراف العراقية الموالية والمعارضة لهم . أن القرار الايراني الان هو لعب دور أكبر في الشأن العراقي بعد الانسحاب العسكري الامريكي ,خاصة وأن وكلائهم في العراق قد أصابهم التشرذم والتفتت , مما يستدعي استلام الملف العراقي وأدارته بصورة مباشرة من قبلهم , و قد يستدعي البحث عن حلفاء جدد يسهرون على مصالحهم وينفذون أجندتهم , كما أن القرار الامريكي هو الاخر قد أتخذ أيضا بعدم التفريط بالجهد والمال والدماء التي أهدرت في العراق , وأن ثمنها يجب أن يستمر مدرارا من الثروة العراقية ومن مستقبله السياسي , سواء بالقوة الناعمة أو بغيرها , لقناعتهم بان الهزيمة في العراق أنما هو ( تسونامي ) من نوع أخر قد تطيح موجاته الارتدادية بكل مشاريعهم في المنطقة , ويعطي وجها جديدا للشرق الاوسط يختلف جذريا عما هو عليه الان وما يريدونه هم له .




الثلاثاء٢٢ ÔÚÈÜÇä ١٤٣١ ۞۞۞ ٠٣ / ÃÈ / ٢٠١٠


أفضل المقالات اليومية
المقال السابق د. مثنى عبد الله طباعة المقال أحدث المقالات دليل المواقع تحميل المقال مراسلة الكاتب
أحدث المقالات المضافة
فؤاد الحاج - العالم يعيد هيكلة نفسه وتتغير توازناته فيما العرب تائهين بين الشرق والغرب
ميلاد عمر المزوغي - العراق والسير في ركب التطبيع
فؤاد الحاج - إلى متى سيبقى لبنان ومعه المنطقة في مهب الريح!
زامل عبد - سؤال مهم، هل المشتركات الايديولوجية بين جماعة الاخوان والصفويين الجدد انعكست في مظلومية غزة الصابرة المحتسبة لله؟- الحلقة الاخيرة
زامل عبد - سؤال مهم، هل المشتركات الايديولوجية بين جماعة الاخوان والصفويين الجدد انعكست في مظلومية غزة الصابرة المحتسبة لله؟ - الحلقة السادسة
مجلس عشائر العراق العربية في جنوب العراق - ãÌáÓ ÚÔÇÆÑ ÇáÚÑÇÞ ÇáÚÑÈíÉ Ýí ÌäæÈ ÇáÚÑÇÞ íåäÆ ÇáÔÚÈ ÇáÚÑÇÞí æÇáãÓáãíä ßÇÝÉ ÈãäÇÓÈÉ ÚíÏ ÇáÇÖÍì ÇáãÈÇÑß ÚÇã ١٤٤٥ åÌÑíÉ
مكتب الثقافة والإعلام القومي - برقية تهنئة إلى الرفيق المناضِل علي الرّيح السَنهوري الأمين العام المساعد و الرفاق أعضاء القيادة القومية
أ.د. مؤيد المحمودي - هل يعقل أن الطريق إلى فلسطين لا بد أن يمر من خلال مطاعم كنتاكي في بغداد؟!
زامل عبد - سؤال مهم، هل المشتركات الايديولوجية بين جماعة الاخوان والصفويين الجدد انعكست في مظلومية غزة الصابرة المحتسبة لله؟ الحلقة الخامسة
د. أبا الحكم - مرة أخرى وأخرى.. متى تنتهي كارثة الكهرباء في العراق؟!
زامل عبد - سؤال مهم، هل المشتركات الايديولوجية بين جماعة الإخوان والصفويين الجدد انعكست في مظلومية غزة الصابرة المحتسبة لله؟ ] - الحلقة الرابعة
القيادة العامة للقوات المسلحة - نعي الفريق الركن طالع خليل أرحيم الدوري
مكتب الثقافة والإعلام القومي - المنصة الشبابية / حرب المصطلحات التفتيتية للهوية العربية والقضية الفلسطينية ( الجزء السادس ) مصطلحات جغرافية وأخرى مشبوهة
الناطق الرسمي باسم حزب البعث العربي الاشتراكي - تصريح الناطق الرسمي باسم القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي حول مزاعم ومغالطات خضير المرشدي في مقابلاته على اليوتيوب ( الرد الكامل )
مكتب الثقافة والإعلام القومي - مكتب الثقافة والإعلام القومي ينعي الرفيق المناضل المهندس سعيد المهدي سعيد، عضو قيادة تنظيمات إقليم كردفان